مع عودة بركان جبل إتنا، في مدينة كاتانيا شرقي صقلية بإيطاليا، للثوران، وقذفه الرماد ليغطي سماء المدينة، يتساءل كثيرون عن أسباب ثوران البراكين في مناطق بعينها، وما الذي يحدد شدة هذه الظواهر الطبيعية المخيفة؟
وشهدت كاتانيا ثوران جبل إتنا، البركان الأكثر نشاطا في أوروبا، الأحد، ما أدى إلى إطلاق الرماد في سمائها، وتعليق السلطات الرحلات الجوية في مطار وأجواء المدينة.
وذكر المعهد الوطني الإيطالي للجيوفيزياء وعلم البراكين، الذي يراقب إتنا عن كثب، أن الغطاء السحابي في يوم ممطر كان يعيق مناظر الثوران، والذي غالبا ما يقدم عرضا مذهلا للحمم البركانية المشتعلة أثناء عدم حدوث البركان.
ووفق المعهد، فإن الرماد سقط على كاتانيا وبلدة واحدة على الأقل، وعلى منحدرات جبل إتنا المأهولة، ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات.
ما هي العوامل التي تحدد قوة أو ضعف البراكين؟
الدكتور نجيب أبو كركي، أستاذ الجيوفيزياء وعلم الزلازل في الجامعة الأردنية، يفنّد أسباب تكرار ثوران البركان الذي وُصف بأنه الأكثر نشاطا في أوروبا:
- البراكين النشطة كالزلازل لا يوجد انتظام بأوقات حدوثها وفترات هدوئها أو ثورانها، وهنالك ارتباط عام بين أسباب حدوثها وأماكن الحدوث أيضا.
- في الحالتين يرتبط معظمها بحدود الصفائح التكتونية، وهي مناطق الضعف في الغلاف الصخري التي تتيح للصخور المنصهرة (الماغما) القادمة من باطن الأرض أن تشق طريقها وتتحرر على السطح.
- البراكين أيضا أنواع، منها المرتبطة بأنواع حدود الصفائح وأنواع الحركات على الحدود بين الصفائح، ففي حالة الحدود التباعدية أو البنائية حيث تتباعد الصفائح، ينتج نوع خفيف نسبيا من النشاط البركاني والبراكين، ومثال ذلك ما يحصل في أيسلندا على امتداد النتوء وسط المحيط الأطلسي.
- هذا يختلف عن البراكين التي تحصل على الحدود التصادمية أو التدميرية، حيث تتقارب الصفائح، وتدخل بصدام، وتغوص بعضها تحت الأخرى، ما يؤدي لبراكين أضخم وأعنف تنفجر من وقت لآخر، كما يحصل في اليابان وإندونيسيا والفلبين وأميركا الجنوبية.
- تحصل عند أطراف المحيط الهادئ براكين بمناطق خارج منظومة حدود الصفائح، تتموضع عموما بمناطق غير متوازنة تكتونيا نسميها النقاط الساخنة، كبراكين هاواي، فكل هذا إذا مرتبط بالسياق الجيولوجي الخاص بكل منطقة.
كيف يمكن تفسير أصوات الانفجارات المصاحبة للبراكين؟
يفسِّر أبو كركي أسباب سماع صوت انفجار هائل أثناء نشاط بركان جبل إتنا، قائلا في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن:
- تزامن أصوات الانفجارات مع ثورات البراكين أمر طبيعي، فهنالك ضغوط تفرغ فجأة، وصخور بحالات حرارية وفيزيائية مختلفة تتلاطم وتتصادم وتتفاعل.
- تنتج هذه الحركة أصوات الانفجارات بالشدة التي تحددها المسافات عن مصادر النشاط وشدته وأحجام ودرجات تفاوت خصائص تلك الصخور.
- تثور البراكين وتنفجر عندما تبلغ الضغوط تحتها حدا يتغلب على مرونة الصخور وقدرتها على اختزان الضغوط أو التشوه دون تكسر، وتتفرغ الطاقة بحرم البركان، لكنها تستمر في التراكم من جديد أسفله بفعل القوى الداخلية الناتجة عن تيارات الحمل الناجمة عن تزايد درجات حرارة الصخور.
- في الأعماق، يحصل التراكم حتى تفوق الضغوط من جديد حدود احتمال الصخور، فيتكرر الثوران البركاني من جديد، وتستمر الدورة لعشرات ملايين السنين عموما، وأكثر أو أقل.